مشاركة الجالية المغربية بالخارج

Publié le par الدكتور ميلود ب&#1604

 

 

 

 

ميلود بلقاضي

جاء مشروع قانون مدونة الانتخابات ببعض التعديلات وذلك بإضافة مادة جديدة هي المادة 4مكرر وتعديل مادتين اثنتين (137 و201).

وربط وزير الداخلية تقديم هذا المشروع أمام أعضاء البرلمان بسياق عزم الحكومة اتخاذ التدابير التشريعية اللازمة لتطبيق القرار الملكي الذي أعلن عنه في خطاب 6 نونبر 2005تخليدا للذكرى الثلاثين للمسيرة الخضراء، والرامي إلى فتح كل الفضاءات وأنماط المشاركة السياسية أمام كافة أجيال الجالية المغربية بالخارج وضمان إدماجها في الحياة التمثيلية والمؤسساتية الوطنية .

 
1 ـ جديد هذا المشروع :
الجديد الذي جاء به هذا المشروع هو تغيير وتتميم القانون المتعلق بمدونة الانتخابات ليتمكن المواطنون المغاربة ببلاد المهجر من أن يكونوا ناخبين ومنتحبين بأرض الوطن وتمكين الأجيال الجديدة منهم بصفة خاصة من حق الترشيح والتصويت في الانتخابات.
 
2 ـ مبررات تقديم هذا المشروع :
من أهم المبررات التي دفعت وزير الداخلية تقديم هذا المشروع نذكر : تطبيق القرار الملكي الذي أعلنه يوم 6 نونبر 2005 ـ تحقيق مبدأ المساواة في المواطنة ( منح المهاجر المغربي فرصة المشاركة الفعلية في الانتخابات العامة ) منح الفرصة للمهاجر المغربي لممارسة مواطنته الكاملة -تأمين حق التمثيلية .
 
3 ـ آليات تحقيق هذا المشروع :
حدد هذا مشروع قانون مدونة الانتخابات عددا من الآليات لتيسير عملية تسجيل المغاربة المقيمين بالخارج في اللوائح الانتخابية العامة منها :
توفير الروابط القانونية للتمكين من التسجيل في اللوائح الانتخابية لجماعات المملكة ـ تمكين المواطنين المغاربة المزدادين والمقيمين بالخارج أي الذين لا يستوفوا شرطي الإقامة أو الازدياد في إحدى جماعات المملكة من تقديم طلبات تسجيلهم حسب اختيارهم في إحدى الجماعات الآتية :
أ ـ الجماعات التي يتوفر فيها المعني بالأمر على أملاك أو نشاط مهني أو تجاري.
ب ـ الجماعة التي قيد في لوائحها أحد الوالدين أو الزوج أو الزوجة ت ـ الجماعة التي يتوفر فيها أحد الوالدين أو الزوج أو الزوجة حسب الحالة على إقامة .
ث ـ الجماعة أصل المعني بالأمر أي الجماعة التي ينحدر منها الأب أو الجد .
 
4 ـ شروط المشاركة :
اعتبر المشروع التسجيل في اللوائح الانتخابية العامة شرطا أساسيا لممارسة حق التصويت والترشيح للانتخابات التشريعية عن طريق الترشيح في الدوائر الانتخابية المحلية أو في نطاق الدائرة الانتخابية الوطنية، لكون مشاركة المغاربة القاطنين بالخارج في العملية الانتخابية سيوفر فرص تعزيز الديمقراطية عن طريق المشاركة في الانتخابات.
 
5 ـ مسؤولية الأحزاب السياسية :
حمل مشروع مدونة الانتخابات، الأحزاب السياسية مسؤولية تقديم مرشحين باسمها على الصعيد المحلي والوطني من بين المغاربة المقيمين بالخارج.
لكن السؤال الذي يطرح كيف ستمنح هذه الأحزاب العضوية لهؤلاء المهاجرين هل عبر آليات التعيين أو الانتخاب وهل سيتم الحرص على اعتماد المعايير التي تضمنها الخطاب الملكي المتمثلة في النزاهة والمصداقية والتمثيلية الحقة والعطاء المتميز في مجال الدفاع عن حقوق المغاربة في الخارج أم على معايير الزبونية والقرابة العائلية والقبلية؟ ونشير ( هنا) إلى أن الأغلبية الحكومية التي تعرض هذا المشروع أمام البرلمان أعلنت بعد لقاء جمع الأحزاب الممثلة للأغلبية الحكومية بوزارة الداخلية، قد أسفر على اتفاق بينها على إرجاء مشاركة الجالية المغربية المقيمة في الخارج في الانتخابات التشريعية لسنة 2007 إلى غاية المحطة الموالية 2012، كما تم الاتفاق، حسب بلاغ لوزارة الداخلية في هذا الشأن، على "إعطاء الأسبقية لهيكلة المجلس الأعلى للمغاربة المقيمين بالخارج من جهة، وإقرار القواعد القانونية التي ستمكن الأجيال الجديدة من جاليتنا المقيمة بالخارج من التسجيل في اللوائح الانتخابية الوطنية لضمان حقها في التصويت والترشيح للانتخابات المحلية أو الوطنية".
وهو ما رأى فيه البعض تراجعا عن القرار الملكي في إشراك الجالية المغربية في استحقاقات 2007 .
بعد إعلان الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الثلاثين للمسيرة الخضراء عن قرارين مهمين بالنسبة إلى الجالية المغربية المقيمة بالخارج، يخص أولهما تمثيلها في البرلمان، فيما يتعلق الثاني بتأسيس المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج، حيث قال جلالته"وتجسيدا لتجاوبنا العميق مع التطلعات المشروعة لمختلف أجيالها، في ممارسة المواطنة الكاملة، ولضمان مشاركة ناجعة، وذات مصداقية، لمواطنينا المهاجرين، في كل مؤسسات ومجالات الشأن العام، فقد اتخذنا أربعة قرارات هامة ومتكاملة : أولها : تمكين المغاربة المقيمين بالخارج من تمثيلهم، عن جدارة واستحقاق، في مجلس النواب، بكيفية ملائمة وواقعية وعقلانية
أما القرار الثاني، المترتب عن الأول، فيتعلق بوجوب إحداث دوائر تشريعية انتخابية بالخارج، ليتسنى لمواطنينا بالمهجر اختيار نوابهم بالغرفة الأولى للبرلمان
علما بأنهم يتمتعون، على قدم المساواة، بالحقوق السياسية والمدنية، التي يخولها القانون لكل المغاربة، ليكونوا ناخبين أو منتخبين بأرض الوطن
ويأتي قرارنا الثالث، بتمكين الأجيال الجديدة من جاليتنا العزيزة، من حق التصويت والترشيح في الانتخابات، على غرار آبائهم، تجسيدا لمبدأ المساواة في المواطنة
ولهذه الغاية، نصدر تعليماتنا للحكومة، لاتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ هذه القرارات الثلاثة، عند مراجعتها لمنظومة الانتخابات
وسيظل هدفنا أبعد من ذلك، في التجاوب مع الطموح الكبير، لمواطنينا المقيمين بالخارج، بفتح كل فضاءات وأنماط المشاركة أمامهم.
ومن هنا كان قرارنا الرابع، بإحداث مجلس أعلى للجالية المغربية بالخارج، برئاسة جلالتنا، يتم تشكيله، بكيفية ديمقراطية وشفافة، تكفل له كل ضمانات المصداقية، والنجاعة والتمثيلية الحقة.
على أن يضم أعضاء نتولى تعيينهم، من ضمن الشخصيات المشهود لها بالعطاء المتميز، في مجال الدفاع عن حقوق المغاربة المهاجرين، وعن المصالح العليا للوطن، بالإضافة إلى ممثلين عن السلطات والمؤسسات المعنية بقضاياهم.
وتندرج هذه القرارات والتوجهات في سياق استراتيجية شمولية ثلاثية الأبعاد، تأخذ بعين الاعتبار، كون المغرب يعد مصدرا للهجرة، ومعبرا ووجهة لها.
وبالنظر لكون بلادنا تعتبر مصدراً للهجرة، لم نفتأ نولي عناية خاصة لجاليتنا بالخارج، ولتفاعلها الإيجابي مع بلدان الإقامة، وانخراطها الفاعل في الإصلاحات والأوراش الكبرى، التي نقودها".
وقد طرح أكثر من سؤال حول الأسباب الحقيقية التي جعلت الأغلبية الحكومية تتراجع عن إشراك المغاربة المقيمين بالخارج في الانتخابات القادمة؟ وهل كان الأمر يتطلب تدخل الملك طبقا لمضمون خطابه بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء من أجل إنصاف أفراد الجالية المغربية في الخارج؟ وكيف تقبلت جالية المهجر هذا القرار؟ الأكيد أن مشاركة المغاربة المقيمين بالخارج هو حق دستوري يتمثل في المشاركة السياسية.
وعلى هذا الأساس يجب أن لا تخضع مسألة المشاركة السياسية للمغاربة المقيمين بالخارج في انتخابات عام 2007 لحسابات ولمزايدات سياسوية.
لذلك انقسمت آراء الأغلبية الحكومية حول هذه المشاركة، فمنهم من طرح الاكتفاء فقط بالتمثيلية في المجلس الأعلى للجالية المغربية في الخارج على اعتبار أن تجربة 84ـ1992 أظهرت محدوديتها، إضافة إلى إكراهات عامل الجغرافي الذي قد يعوق عمل أي ممثل للجالية في المؤسسة التشريعية،ومنهم من تشبت بقرار المشاركة السياسية على اعتبار أنه مكسب ديمقراطي يعيد لأفراد الجالية حقها الدستوري الذي حرمت منه منذ عام 1992 .
ويمثل هذا الطرح مجموعة من الفعاليات المدنية والسياسية الديمقراطية التي تعتبر أن الخيار الديمقراطي بالبلاد يبقى ناقصا دون الإشراك التمثيلي للجالية المغربية .
 
6 ـ دوافع تراجع الحكومة عن إشراك الجالية في العملية الانتخابية :
تفيد عدة مؤشرات وتقارير أن العوامل الأمنية والسياسية هي التي كانت وراء قرار هذا التراجع، خصوصا وأن الكل يعرف الحضور القوي للتيارات الإسلامية داخل أوساط المغاربة في الخارج. إضافة إلى عجز الحكومة عن التسريع بالإجراءات والآليات المرتبطة بالعملية الانتخابية بدءا من التسجيل في اللوائح الانتخابية وإعداد لوائح انتخابية وانتهاء بالتحسيس بأهمية المشاركة السياسية وخاصة بالنسبة إلى الجيل الثاني والثالث المندمج أكثر في بلدان الإقامة وهو ما يطرح مسألة نسبة المشاركة.
 
7 ـ الحسم الملكي لإشراك الجالية المغربية في الانتخابات :
جاء الخطب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى 31 ليؤكد حرص الملك القوي اعتماد سياسة جديدة منصفة للجالية تمثلت في تمكين هذه الجالية من شروط ممارسة المواطنة الكاملة بتوسيع الانخراط والمشاركة في كل مجالات الحياة العامة وتخويلهم حق المشاركة السياسية. بالإضافة إلى الحسم بإقامة المجلس الأعلى للجالية المغربية بالخارج وتكليف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بإجراء المشاورات الواسعة لإبداء الرأي بخصوص إحداث المجلس الجديد، مما مثل ضربة للوزارة المكلفة بالمهاجرين التي كانت تنتظر أن تكون هي المسؤولة عن ملف إحداث هذا المجلس.
 
8 ـ أبعاد مشروع قانون مدونة الانتخابات وإشراك الجالية :
بدءا نقول إن حق المشاركة السياسية للمغاربة المقيمين بالخارج له ارتباط مباشر بمسألة التمثيلية السياسية من جهة، ومن جهة أخرى أنه جزء من سياسة الاحتواء ومن منهجية القرب مع أبناء الوطن، وهي خطوة تتضمن نوعا من رد الاعتبار لشريحة أساسية من المواطنين المغاربة.
ولذلك سيفتح مشروع القانون المتعلق بمدونة الانتخابات باب الأمل للأجيال الجديدة من ممارسة حق المشاركة في الانتخابات وكذا التمثيل داخل إطار للدفاع عن قضاياهم
فمسألة الانتماء الجغرافي لا يعادله إلا الحق في الترشيح وفي التصويت وكذا التمثيل داخل المؤسسات المحلية والجهوية الوطنية للمشاركة تدبير السياسة العمومية
فمشاركة الجالية المغربية المقيمة بالخارج في المؤسسات التمثيلية تُعد قيمة مضافة للسلوك السياسي المغربي، ولصنع القرارات ولتقوية النظام الديمقراطي. وبالنسبة إلى مرحلة الانتقال الديمقراطي يعد إشراك المهاجرين المغاربة في المؤسسات التمثيلية تحولا في تنمية العملية الديمقراطية برمتها.
فإشراك هذه الفئة من المواطنين بشكل فعال في العملية الديمقراطية سواء من خلال السياسات الانتخابية أو من خلال المجتمع المدني، يزيد من احتمالات خلق »ثقافة مدنية« تقوم على ترسيخ قيم المواطنة والتحمل والثقة وتوفير فرص تعزيز الديمقراطية عن طريق تطوير الكفاءات المدنية وتوليد رضى أكبر عند المواطنين المقيمين بالخارج و شرعية النظام القائم وكل مؤسساته.
فتغيير وتتميم مدونة الانتخابات لتمكين المواطنين المغاربة بالمهجر من أن يكونوا ناخبين ومنتخبين بأرض الوطن سيتيح الفرص لهؤلاء المواطنين للتأثير في صناعة القرار السياسي على الأقل على مستوى سياسة الدولة اتجاههم. لأنه يستحيل للمغاربة المقيمين بالخارج المشاركة في رسم معالم السياسيات العمومية دون امتلاك الصفة التمثيلية بصفة ديمقراطية.
والأكيد أن ثقل المغاربة القاطنين بالخارج في الاقتصاد الوطني أصبح يفرض على الحكومة توفير كل الشروط المادية واللوجستيكية والإجراءات القانونية أولا لتفعيل القرارات الملكية، وثانيا لتمكين هؤلاء المواطنين من ممارسة حقهم الدستوري في الترشيح والتصويت للانخراط في المشروع الديمقراطي والتنموي الذي هو من مسؤولية كل أبناء هذا الوطن سواء كانوا بالداخل أو بالخارج .

 الدكتور ميلود بلقاضي | المغربية

Publié dans Bxlmedina

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article